مصر في مواجهة أزمة الغاز: بين تحديات الطاقة ورهان الاستدامة

في مشهد سياسي متوتر يُلقي بظلاله على أسواق الطاقة العالمية، تجد مصر نفسها أمام تحدٍّ استراتيجي بعد توقف إمدادات الغاز الإسرائيلي عقب التصعيد العسكري بين تل أبيب وطهران. وبينما يتصاعد القلق حول تداعيات هذا الانقطاع، تتحرك الحكومة المصرية سريعًا لضمان استقرار شبكة الكهرباء دون اللجوء إلى تخفيف الأحمال، وسط صيف حار يتطلب كميات هائلة من الوقود لتوليد الطاقة.
الطوارئ تُفعّل والاستعدادات تتسارع
لم تمضِ ساعات على الهجوم الإسرائيلي في إيران حتى أطلقت وزارة البترول المصرية خطة طوارئ لضبط الأولويات في توزيع الغاز الطبيعي. وقف الإمدادات لبعض المصانع، تعزيز استخدام المازوت والسولار، والتوسع في تشغيل محطات الكهرباء بالوقود البديل، كلها إجراءات احترازية تهدف إلى تفادي أي اضطراب في الإمدادات، بينما تراقب الحكومة عن كثب مدى تأثير الأزمة على المدى الطويل.
رهانات الطاقة: هل تصمد شبكة الكهرباء؟
تتصاعد الأسئلة حول إمكانية استمرارية الشبكة الكهربائية دون تأثر في ظل تراجع إنتاج الغاز المصري وانقطاع الإمدادات الإسرائيلية، التي تُشكّل نحو 15% من احتياجات البلاد من الغاز الطبيعي. ومع ارتفاع استهلاك الكهرباء بنسبة 25% خلال الصيف، باتت خطط الحكومة المصرية أكثر تركيزًا على تنويع المصادر، حيث استُقدم الغاز المسال من الأسواق العالمية عبر صفقة ضخمة بلغت 8 مليارات دولار، في أكبر عملية استيراد للغاز شهدتها البلاد.
هل تغيّر الأزمة مسار الطاقة المصرية؟
في ظل هذا المشهد، يُنظر إلى الأزمة على أنها فرصة لمصر لإعادة ترتيب أولوياتها الطاقوية، وتكثيف الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل الضغط على الوقود المستورد. وفي خطوة تعكس هذا التوجّه، أعلنت الحكومة عن مشاريع جديدة تهدف إلى رفع نسبة الطاقة النظيفة إلى 42% بحلول عام 2035.
بين تحديات الواقع وآمال المستقبل
بينما تسير الحكومة في طريق تأمين الإمدادات، تبقى التوترات الإقليمية عاملاً رئيسيًا في معادلة الطاقة، وسط تحليلات ترجّح أن النزاع العسكري قد يستمر لفترة أطول، مما يفرض مزيدًا من الضغوط على الدول المستوردة للغاز. ويبقى السؤال الأهم: هل تستطيع مصر تجاوز هذه الأزمة دون اضطرابات في الطاقة، أم أن الصيف سيحمل تحديات أخرى لم تُحسب حسابها بعد؟